يواجه الحزب الديمقراطي الليبرالي الحاكم في اليابان أزمة سياسية غير مسبوقة مع ظهور مزاعم باختلاس عوائد الأموال المجمعة. وبدأ المدعون العامون تحقيقات مع العديد من الوزراء داخل الحزب. ومن الممكن ان يتسبب ذلك في هزة للمشهد السياسي في اليابان.
Reed McIntire
2024/3/15
French version | English version
يعد الحزب الديمقراطي الليبرالي الحاكم في اليابان محور لفضيحة سياسية ″تحدث مرة واحدة في كل جيل″، وذلك بعد أن أعلن مكتب المدعي العام في طوكيو في ديسمبر2023 عن إجراء تحقيق في مزاعم إساءة استخدام تبرعات جمع الأموال. وفي أعقاب الفضيحة، انخفض معدل قبول الحكومة إلى حوالي 20%، وتعد هذه النسبة هي الادنى منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. ونتيجة لذلك، قام الحزب الديمقراطي الليبرالي بإقالة أربعة وزراء من مناصبهم وقام ثلاثة آخرون بتقديم استقالاتهم، بما في ذلك الأمين العام للحزب في البرلمان الوطني الياباني.
لقد اندلعت تلك الفضيحة عندما أصدر الحزب الشيوعي المعارض تقريراً في الصحيفة الخاصة بالحزب يشرح بالتفصيل استغلال الحزب الليبرالي الديمقراطي لثغرة في قوانين التبرع للحملات الانتخابية في اليابان. وقد قام أستاذ جامعي بفحص هذا التقرير وطلب من المدعي العام في طوكيو التحقيق. في الامر.
كمبدأ عام، فانه من غير القانوني للشركات الراعية أن تتبرع لأي مسؤول مباشرة، لكن يمكنها شراء تذاكر لمناسبات جمع الأموال للحملات الانتخابية، ويتم تخصيص حصة من التذاكر التي سيتم بيعها لكل عضو من أعضاء الحزب وذلك وفقًا للأقدمية، و يحتفظ العضو بعد ذلك بالمبالغ المتحصلة من بيع التذاكر التي يتم بيعها فوق المبلغ المحدد وهي المبالغ المعروفة باسم ″العمولة. ″ ان تلك العمولات تعد أمرًا قانونيًا في اليابان طالما تم الافصاح عنها بشكل صحيح للضرائب. ومع ذلك، فانه وفقًا لتقرير الحزب الشيوعي، فقد اخفى الحزب الديمقراطي الليبرالي ما يزيد عن 3.5 مليون دولار أمريكي من الرشاوى على مدى السنوات الخمس الماضية.
ينقسم الحزب الليبرالي الديمقراطي داخليا إلى فصائل متعددة. تم تأسيس أكبرها على يد رئيس الوزراء السابق المتوفى شينزو آبي، ولا يزال يشار إليها باسم فصيل آبي. وبحسب ما ورد تلقى هذا الفصيل وحده 3.5 مليون دولار أمريكي في شكل عمولات غير معلنة، والتي تعد الأكبر في الحزب الليبرالي الديمقراطي. كما اخفت فصائل أخرى، مثل حزب رئيس الوزراء كيشيدا، عمولات تتراوح ما بين 14.000 دولار أمريكي إلى706,000 دولار أمريكي.
ردًا على هذه الأخبار، ترك كيشيدا الفصيل الذي يتبعه رسميًا في 7 ديسمبر 2023، وألغى أيضًا أي احتفالات للحزب الليبرالي الديمقراطي للعام الجديد، والتي تعد عطلة رئيسية في اليابان. وقد تعرض رئيس الوزراء كيشيدا لمزيد من التدقيق عقب قيامه بالاستجابة المتأخرة للزلازل والتسونامي في منطقة نوتو في البلاد في 1 يناير 2024، والتي أودت بحياة ما يقدر بنحو 221 شخصًا وتسببت في نزوح 20,000 آخرين. على الرغم من الموافقة على مبلغ 32 مليون دولار أمريكي للاستجابة للكوارث، فقد وُصفت حكومة كيشيدا بأنها بطيئة في الاستجابة حيث لا تزال مناطق متعددة معزولة وغير قادرة على تلقي الغذاء والإمدادات.
وفي 12 ديسمبر، طرحت المعارضة داخل البرلمان الوطني تصويتًا بحجب الثقة عن كبير أمناء مجلس الوزراء يوشيماسا هاياشي، وهو عضو في فصيل آبي وكبير المنسقين بين السلطتين التشريعية والتنفيذية. وفي نفس اليوم، أعلن الحزب الديمقراطي الليبرالي أنه سيستبدل جميع الوزراء الأعضاء في فصيل آبي من مجلس الوزراء والإدارة، بما في ذلك وزراء الاقتصاد والزراعة والشؤون الداخلية والاتصالات. ومن المقرر أن يتم استبدال 9 وزراء في المجمل.
وبدأ المدعون العامون التحقيق في هذه الادعاءات وقاموا بتفتيش مكاتب فصيل آبي. منذ اكثر من 20 عاما، لم يتم تفتيش أي حزب سياسي في اليابان من قبل النيابة العامة. وفي 7 يناير، ألقى المحققون القبض على عضو البرلمان الوطني يوشيتاكا إيكيدا، الذي زُعم أنه تلقى 333 ألف دولار أمريكي من التبرعات المختلسة، بسبب مخاوف من أنه قد يتلاعب بالأدلة أو يدمرها. ويعد يوشيتاكا هو أول من تم القبض عليه في التحقيق.
لقد حكم الحزب الديمقراطي الليبرالي اليابان بشكل شبه مستمر منذ ظهوره في عام 1955. ولم يفقد الحزب مكانته الرائدة إلا مرتين: المرة الاولى في الفترة من 1994 حتى 1995 ومرة أخرى في الفترة من 2009 إلى 2012. وتمثل هذه الفضيحة الأخيرة أكبر تهديد لحكم الحزب الليبرالي الديمقراطي في التاريخ الحديث. ولقد عانى الحزب من فضائح من قبل، كان آخرها في عام 2010. ومع ذلك، مع نسبة تأييد عامة تبلغ حوالي 20%، فإن موقف الحزب ضعيف.
اعيد انعقاد البرلمان الوطني في أواخر يناير وسيظل منعقداً حتى 23 يونيو. وأعلن المدعون العامون عزمهم على إنهاء التحقيق قبل بدء الجلسة لتجنب تعطيل العملية السياسية. وبالرغم من ذلك، فإن التحقيق لا يزال مستمرا. وبناء على قرار المدعي العام، فمن الممكن أن يختفي فصيل آبي بالكامل، وهو ما من شأنه أن يغير المشهد السياسي بالكامل.
وفي الوقت الحالي، يتأخر حزب المعارضة الرئيسي، الحزب الديمقراطي الدستوري، بفارق ثلاث نقاط فقط عن الحزب الديمقراطي الليبرالي في استطلاعات الرأي، كما أن عدداً متزايداً من الناخبين اليابانيين لا ينتمون لاي حزب. ويدل هذا على تحول غير مسبوق بعيداً عن الحزب الديمقراطي الليبرالي. ومع وضع ذلك في الاعتبار، فإن تداعيات الفضيحة لديها القدرة على قلب القوة الأكثر هيمنة في السياسة اليابانية رأساً على عقب.