في مايو 2022، أجرى لبنان انتخابات برلمانية للمرة الأولى منذ الثورة السياسية عام 2019 وانفجار بيروت عام 2020. ويواجه لبنان الآن أزمة فساد سياسي وكسادًا اقتصاديًا سببته النخبة الحاكمة. وحيث قام البرلمان الجديد بإعادة انتخاب رئيس البرلمان في 31 مايو 2022، فمن غير المرجح أن يحدث تغيير في وضع لبنان المتردي الذي يتطلب خطة إنقاذ من صندوق النقد الدولي.
Lena Krikorian, 2022/6/30
Russian version | Spanish version | English version
في 15 مايو 2022، أجرى لبنان أول انتخابات برلمانية منذ الانتفاضة السياسية التي بدأت في 17 أكتوبر 2019 والتي قادها حزب الله وحركة أمل للإطاحة بالحكومة، وتوقعت مراكز الأبحاث والتحليلات البارزة، مثل مؤسسة كارنيغي للسلام، أن هذه الانتخابات ستكون الأكثر فوضوية منذ استقلال البلاد عام 1943، وأنها، للأسف، لن تغير النسيج السياسي أو تشكل عامل تغيير للبنان وشعبه. ووفقاً للمجلس الأطلسي، شهدت الانتخابات البرلمانية التي أجريت في مايو نسبة مشاركة منخفضة بلغت 41% فقط، ولا تزال الكتلة المدعومة من حزب الله تحتفظ بأكبر عدد من المقاعد في البرلمان على الرغم من خسارتها للاغلبية. ووجدت بعثة مراقبة الانتخابات التابعة للاتحاد الأوروبي إلى لبنان في عام 2022 أن المؤسسة الحاكمة تغاضت عن شراء الأصوات وحشو صناديق الاقتراع وتدميرها، مما يقيض فرص البلاد في الإصلاح والقيادة الجديدة. علاوة على ذلك، أدت الاحتجاجات في لبنان والأزمة الاقتصادية الصعبة إلى صعوبة توفير الكهرباء لمراكز الاقتراع.
لقد نزل المتظاهرون إلى الشوارع في حركة قادها الشباب في عام 2019 ضد الفساد وسوء إدارة الحكومة والكساد الاقتصادي المستمر منذ ما يقرب من ثلاث سنوات. وبحسب مجلة السياسة والمجتمع الدولية، فلقد فقدت العملة الوطنية في لبنان منذ أكتوبر 2019، 95% من قيمتها، وارتفعت الأسعار بنسبة 200%، ويعيش حوالي 80% من الشعب اللبناني تحت خط الفقر. كما أدت جائحة كوفيد-19 وانفجار مرفأ بيروت في عام 2020 الذي أودى بحياة ما يقرب من 200 شخص الى زيادة تدمير اقتصاد البلاد، وتفاقم الانتفاضة السياسية التي بدأت في أكتوبر 2019. وفي الآونة الأخيرة، في مارس 2022، أضرب القطاع المصرفي بسبب قيام الرئيس ميشال عون بتجميد أصول أكبر ستة بنوك في لبنان. وفي 21 مارس 2022، اتُهم حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة، الذي يتولى السلطة منذ عام 1993، بغسل الأموال والإثراء بدون سبب قانوني. وفي الوقت الحاضر، وفقًا لقناة الجزيرة، ينتشر نقص المياه وانقطاع التيار الكهربائي في جميع أنحاء البلاد، وقد شهد لبنان زيادة تزيد عن 1000٪ في أسعار المواد الغذائية، مما يستدعي المساعدات والتحويلات المالية من المغتربين اللبنانيين. ووفقا لبرنامج الغذاء العالمي والبنك الدولي فأن ما يقرب من 50% من الأسر لا تستطيع الوصول إلى الغذاء والدواء والسلع الأساسية الأخرى.
وفي سياق مماثل، ألقت الأمم المتحدة والبنك الدولي اللوم على قادة لبنان في الأزمة المالية الحالية الرهيبة، حيث وصف البنك الدولي اقتصاد لبنان بأنه ″كساد متعمد. ″ ووفقا لمجلس العلاقات الخارجية، فإن الحكومة والقطاع العام ″تنتشر فيه الرشوة والمحسوبية، والخدمات العامة غير موجودة تقريبا″. ولقد فر العديد من المهاجرين اللبنانيين إلى البلدان المجاورة، ومن المحتمل جدًا أن يفر المزيد من المهاجرين من البلد الذي يعد بالفعل أكثر بلد به عدد من اللاجئين في العالم بالنسبة لعدد السكان. ونظراً لهذه النتائج المدهشة، فمن غير الواقعي أن نتوقع عملية انتخابية سلسة وديمقراطية. ونتيجة لذلك، لم تلتزم الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بتخصيص أموال كبيرة للجنة الإشراف على الانتخابات في لبنان. ويشير الافتقار إلى الدعم الغربي إلى أن لبنان يُعتبر قضية خاسرة ما لم ينفتح أمام تغييرات نظامية في القيادة السياسية.
كدولة ذات تركيبة عرقية متنوعة ونظام طائفي لتقاسم السلطة، فإن البرلمان اللبناني منقسم بالتساوي بين المسيحيين والمسلمين. حيث يخصص منصب رئاسة الوزراء لمسلم سني، ويجب أن يكون رئيس الجمهورية مسيحيا مارونيا، ورئيس مجلس النواب لمسلم شيعي. وتولى رئيس الوزراء السابق وزعيم أكبر كتلة تصويتية للمسلمين السنة، سعد الحريري، رئاسة الوزراء للفترات الثلاث الماضية. واستقال الحريري وشجع الناخبين على مقاطعة الانتخابات، مما ترك فراغا في السلطة للكتلة النيابية السنية. ونتيجة لذلك، لم يكن العديد من الناس يميلون إلى التصويت لأنه لم يكن هناك سبب وجيه للاعتقاد بأن أصواتهم ستكون ذات أهمية. ومع ذلك، فانه وفقا لشبكة سي إن إن، فقد خرج الناخبون بأعداد كبيرة بحثا عن تغيير في القيادة.
ولقد أسفرت الانتخابات الأخيرة عن خسارة الأغلبية الداعمة للحكومة الحالية، الأمر الذي خدم مصالح جماعة حزب الله الشيعية المسلحة المدعومة من إيران والأسد. وأدت الانتخابات أيضًا إلى زيادة عدد المستقلين، الذين فازوا بـ 13 مقعدًا من مقاعد البرلمان البالغ عددها 128 مقعدًا. وعلى الرغم من شعبيته في الماضي بسبب موقفه المناهض للغرب ومساعداته السابقة، فإن الأيام التي كان يقدم فيها حزب الله الدعم عندما كانت الحكومة غير قادرة على القيام بذلك قد ولت منذ زمن طويل. وبالرغم من ذلك، فإن الناخبين الآن دعموا القوات اللبنانية لنزع سلاح حزب الله، الذي يشار إليه على أنه ″الجهة غير الحكومية الأكثر تسليحا في العالم″ من قبل مركز الدراسات الاستراتيجية. ومع ذلك، لا يزال الائتلاف المدعوم من حزب الله يحتفظ بأغلبية المقاعد في البرلمان الحالي.
في 31 مايو 2022، أعاد مجلس النواب اللبناني انتخاب نبيه بري رئيساً للبرلمان لولاية سابعة على التوالي. وبينما كان العديد من الناخبين اللبنانيين يأملون في التغيير عندما توجهوا إلى صناديق الاقتراع، فإن إعادة انتخاب نبيه بري هي تجسيد للنظام السياسي المعيب والفاسد للغاية الذي يوقع لبنان في أزمته الاقتصادية الأليمة. لقد اكتسب بري شرعيته أثناء وبعد الحرب الأهلية اللبنانية في التسعينيات والتي جلبت سفك الدماء على يد أمراء الحرب الذين لا يزالون يشكلون النخبة الحاكمة الفاسدة في لبنان.
وعلى الرغم من المقاعد الـ13 الجديدة التي فاز بها أعضاء الحزب المستقلون الذين يسعون إلى تغيير النظام السياسي الفاسد، أعاد برلمان 15 مايو 2022 المنتخب حديثا انتخاب بري، الذي تمسك بالسلطة منذ ما يقرب من ثلاثة عقود. ويدير بري حركة أمل السياسية الشيعية التي تربطها علاقة عمل مع حزب الله، مما يمكّن السلطة السياسية من البقاء دون تغيير في البلاد. وعلى هذا النحو، فمن غير المرجح أن يتمكن البرلمان الجديد ورئيسه المنتخب مؤخراً من انتشال لبنان من الركود الاقتصادي والوضع البرلماني المتردي. ولا يزال لبنان يفضل الأحزاب التقليدية والائتلافات المدعومة من حزب الله والتي تعيق لبنان عن تحقيق أي تغيير حقيقي. وفي ظل هذه الظروف والفساد المستمر، فانه من غير المرجح أن يقدم المجتمع الدولي المساعدة للبنان للخروج من أزمته المالية والسياسية الراسخة.