Skip to main content

إن الاغتصاب الجماعي الأخير لناشطة حقوق الإنسان في أحد سجون أفغانستان، والذي تم تصويره لإسكاتها، يسلط الضوء على الأهوال المستمرة التي تواجهها النساء الأفغانيات تحت حكم طالبان. إن الدعوات إلى اتخاذ إجراءات عالمية عاجلة ومنسقة لمعالجة هذه الانتهاكات لحقوق الإنسان معدومة تقريبًا. إن صمت المجتمع الدولي غريب للغاية. أين الغضب العالمي؟

في تقرير مشترك نُشر في 3 يوليو 2024 من قبل صحيفة الغارديان وRukhshana Media، تم تناول الحادثة المروعة التي مرت بها ناشطة في مجال حقوق المرأة الأفغانية عندما تم تصويرها بالفيديو أثناء اغتصابها جماعيًا في سجن طالبان من قبل رجلين مسلحين. وذكرت الناشطة، التي اعتقلت لمشاركتها في الاحتجاجات العامة ضد طالبان، وقد تم تسجيل هذا الفيديو على هاتف محمول وأُرسل إليها لاحقًا كتهديد لمنعها من التحدث ضد النظام.

تم تصوير هذه الجريمة البشعة لتخويف وإسكات ضحية الاغتصاب، مما يجسد القمع المنهجي المستمر الذي تواجهه النساء في ظل نظام طالبان. وبينما أعلنت الأمم المتحدة عن اجراء تحقيق في هذه الادعاءات، فإن استجابة المجتمع العالمي لهذه الفظائع المستمرة تظل ضعيفة بشكل مثير للقلق، مما يثير تساؤلات بالغة الأهمية حول مستوى القلق الدولي.

هذه الحادثة ليست سوى أحدث تقرير عن امرأة تعرضت للاعتداء من قبل طالبان بعد احتجازها من قبل شرطة الأخلاق التابعة لطالبان. وتنتهي العديد من هذه الاعتداءات بوفاة المرأة. حيث انه في ديسمبر 2023، اعتقلت طالبان مارينا سادات، وبعد اسابيع تم العثور على جثتها داخل كيس في قناة، وقد تعرضت للاعتداء الجنسي قبل قتلها.

وقد وثقت بعثة الأمم المتحدة للمساعدة في أفغانستان سابقًا المعاملة الرهيبة التي تواجهها النساء في السجون التي تديرها طالبان في شمال أفغانستان. وفي 2 فبراير 2024، أصدرت الأمم المتحدة تقريرًا بعنوان ″أفغانستان: يجب أن تنتهي حملة طالبان على النساء بسبب ″الحجاب السيئ″.  وقد كشف تقرير شامل صادر عن منظمة العفو الدولية في 6 ديسمبر 2021 عن التفكيك المنهجي لأنظمة الدعم لضحايا الاغتصاب، مما أدى إلى تفاقم عزلتهن وعدم  إلى اللجوء إلى العدالة.

ومنذ الانسحاب الأمريكي الكارثي من أفغانستان في أغسطس 2021، فرضت طالبان تدابير قمعية قاسية على النساء، مما ادي فقدان عقدين من التقدم. حيث تُمنع النساء من التعليم بعد الصف السادس، والتوظيف في المناصب العامة، وحتى الحريات الاجتماعية الأساسية مثل الذهاب إلى الحديقة بدون أحد أفراد الأسرة الذكور، أو ممارسة الرياضة أو استخدام الحمامات العامة. وقد أدت تلك القيود الى وصول النساء الأفغانيات إلى مستويات غير مسبوقة من القمع كما ورد في تقرير iGlobenews في أبريل 2023 (أفغانستان طالبان 2023: شكرًا لأمريكا!).

لا يزال الاغتصاب يشكل خوفًا عميقًا للنساء في أفغانستان، حيث يبقيهن حظر التجول في المنازل بعد الساعة 6 مساءً. وغالبًا ما تعطي الأسر الأفغانية الأولوية لشرفها على رفاهية ضحايا الاغتصاب، مما يؤدي إلى المزيد من الانتهاكات وحتى ″جرائم الشرف″. ومن خلال استغلال الوصمة الشديدة المرتبطة بالناجيات، تستخدم طالبان الاغتصاب بشكل استراتيجي وفعال كأداة لقمع وإسكات ناشطات حقوق الإنسان المحتجزات للاحتجاج على النظام.

أحد الموضوعات المثيرة للجدال هو فرض العقوبات الاقتصادية على طالبان. في حين أن مثل هذه التدابير قد تشل النظام، فإنها تخاطر أيضًا بتفاقم الأزمة الإنسانية، مما يؤثر على المواطنين الأفغان العاديين. ومع ذلك، فإن الافتقار الى حلول يمثل مشكلة بنفس القدر، لأنه يشجع طالبان على مواصلة سياساتها القمعية دون خوف من العواقب.

وعلى الرغم من الدعوات التي وجهها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وبرنامج الغذاء العالمي، ومنظمة العفو الدولية لطالبان برفع القيود المفروضة على النساء، فإن مثل هذه الدعوات تظل غير فعالة دون عقوبات اقتصادية أو ضغوط سياسية مصاحبة.

وردًا على التقارير التي تتحدث عن انتهاكات حقوق المرأة في أفغانستان، أكدت أنييس كالامارد، الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية، في منشور على موقع X في 17 يونيو 2024، على ضرورة اعتبار الفصل بين الجنسين باعتباره جريمة بموجب القانون الدولي. وزعمت أن هذا الامر من شأنه أن يعزز الجهود الرامية إلى مكافحة الأنظمة التي تقمع وتهيمن بشكل منهجي على أساس التفرقة بين الجنسين. وذكرت كالامارد أن منظمة العفو الدولية تنضم إلى دعوات المدافعين الشجعان، بما في ذلك النساء من أفغانستان وإيران وخارجهما، اللاتي كن يقودن المطالبة بالاعتراف بالفصل بين الجنسين في القانون الدولي.

ولم تتمكن هذه الأصوات حتى الآن من حث حركة طالبان على اتخاذ إجراءات ذات تأثير. ويتبين من ضعف التغطية الإعلامية الجماهيرية والاحتجاجات العامة إلى تراجع محتمل في الاهتمام بالأزمة الإنسانية في أفغانستان. وحتى الحركة النسوية العالمية، التي دافعت عن قضايا عديدة في جميع أنحاء العالم، تبدو غائبة إلى حد كبير عن معالجة هذه القضايا الملحة.

وفي فبراير 2024، قاطعت حركة طالبان اجتماع المبعوثين الخاصين بشأن أفغانستان، الذي عقد في الدوحة بقطر، بعد أن دعت الأمم المتحدة مجموعات الشتات الأفغانية ومنظمات المجتمع المدني، بما في ذلك ناشطات حقوق المرأة، لحضور الاجتماع. في ذلك الوقت، قللت الأمم المتحدة من أهمية المقاطعة، لكنها غيرت الآن استراتيجيتها بشكل كبير في التعامل مع طالبان.

وقد ترأس الاجتماع التالي للمبعوثين الخاصين، الذي عقد في الدوحة في 30 يونيو و1 يوليو 2024، وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية وبناء السلام، روزماري دي كارلو، ممثلة الأمين العام. وقد فشلت المناقشات السابقة في تحقيق أي نتيجة بسبب رفض طالبان المشاركة في المناقشات ما لم يتم استيفاء شروطها الصارمة. ومن أجل تأمين حضور طالبان، اتخذت الأمم المتحدة نهجًا مختلفًا بشكل ملحوظ. فقد استبعدت المناقشات حول حقوق المرأة الأفغانية ولم تشمل ممثلين من المجتمع المدني أو النساء أو المدافعين عن حقوق الإنسان.

وفي 21 مايو 2024، نشرت الأمم المتحدة على موقعها الإلكتروني ″مذكرة إلى المراسلين″ أكدت أن التركيز في مؤتمر الدوحة الذي سيعقد في يونيو ويوليو المقبلين كان على العلاقات الدبلوماسية مع طالبان، مع التركيز بشكل ضئيل على قضايا حقوق الإنسان. وعكس إصرار طالبان على إبقاء مثل هذه المواضيع خارج جدول الأعمال، حيث تجنبت الأمم المتحدة التركيز على القيود الشديدة المفروضة على تعليم الإناث وحقوق المرأة في أفغانستان. وفي الواقع، استسلمت الأمم المتحدة لضغوط طالبان، تاركة النساء الأفغانيات بدون مساعدة مرة أخرى.

وفي الأيام التي سبقت المؤتمر، واجه ذلك القرار انتقادات كبيرة، ولا سيما من لجنة الأمم المتحدة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة، التي أعربت عن قلقها العميق إزاء الاستبعاد، محذرة من أنه من شأنه أن يزيد من إسكات النساء والفتيات الأفغانيات. كما وصفت هيومن رايتس ووتش استبعاد النساء بأنه ″مروع″.

إن مستقبل المرأة الأفغانية يعتمد على الالتزام العالمي بالعدالة والمساواة. ويشير النهج الحالي للأمم المتحدة إلى التحول نحو الاعتراف بدور طالبان مع تهميش المجتمع المدني غير التابع لطالبان والنساء والمنظمات المكرسة للدفاع عن حقوق الإنسان في ذات الوقت. مما ادي الي إثارة مخاوف لدى جماعات حقوق الإنسان والمرأة المحلية والدولية من أن المجتمع الدولي قد يعطي الأولوية للمشاركة السياسية مع طالبان على معالجة الوضع المزري الذي تواجهه النساء والفتيات الأفغانيات.

الصورة: احتجاج حقوق المرأة – كابول – تحمل النساء لافتات خلال احتجاج في كابول، أفغانستان في 16 يناير 2022، للمطالبة بالعدالة لزينب عبد الله، وهي امرأة شابة من الهزارة قُتلت يوم الخميس 13 يناير 2022، على يد أحد عناصر طالبان عند نقطة تفتيش، ولكن أيضًا لعالية عزيزي، مديرة سجن هرات التي اختفت في أكتوبر. يطالب المحتجون بإزالة القيود المفروضة على النساء. © IMAGO / ABACAPRESS

WordPress Cookie Notice by Real Cookie Banner