Skip to main content

تشهد جورجيا احتجاجات مناهضة للحكومة. ويتطلب القانون الروسي المقترح، المقرر إقراره من قبل البرلمان الجورجي بحلول نهاية مايو 2024، من جميع المنظمات غير الحكومية والمنظمات الإعلامية الكشف عن التمويل / النفوذ الأجنبي. أجرى البرلماني الجورجي أرماز أخفليدياني مقابلة حصرية مع iGlobenews وهو البرلماني المؤيد للاحتجاجات، والمناهض بشدة لروسيا والذي يعتقد أن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة سوف يملأن أي فراغ بمجرد أن تسحب روسيا نفوذها الكبير من جورجيا. ويشعر حزب الحلم الجورجي الحاكم بالقلق من الدب الروسي ولا يريد أن يمتد القتال في أوكرانيا إلى جورجيا.

تشهد العاصمة الجورجية تبليسي احتجاجات مستمرة منذ شهر. وحتى وقت قريب جداً، كانت جورجيا قد شرعت في اتباع مسار سياسي من شأنه أن يؤدي إلى التكامل مع العالم الأوروبي الأطلسي. وقد ذكر مارسيل روثيج من IPS في مقال نشر مؤخراً بعنوان ″رائد يسير على المسار الخاطئ″ أن ″زعيم الحزب غريباشفيلي أعرب أخيراً عما كان يفكر فيه كثيرون: إن الاتحاد الأوروبي لن يكون مستعداً للتوسع، ولا جورجيا مستعدة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. ويبدو أن دوافعهم [حلم جورجيا] واضحة: فمن الواضح أن تكون جورجيا مرشحة للدخول في الاتحاد الاوروبي كافية بالنسبة للحزب الحاكم.

تاريخياً، كانت جورجيا تتمتع بعلاقات وثيقة مع روسيا، حيث كانت جزءاً من الاتحاد السوفييتي السابق. ولكن اندلعت الاحتجاجات بسبب إعادة طرح ما يسمى ″قانون روسيا″ في البرلمان من قبل حزب الحلم الجورجي. وجدير بالذكر ان موسكو قد نفذت تشريعات مماثلة في عام 2012.

باختصار، يشترط القانون على جميع المنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام التي تتلقى أكثر من 20% من أموالها من مصادر أجنبية التسجيل كمنظمات ″تحمل مصالح قوة أجنبية″. وسيُطلب منهم تقديم بيانات مالية سنوية عن أنشطتهم أو تحمل غرامات تزيد عن 9000 دولار أمريكي.

ويعتقد معارضو مشروع القانون أنه سيتم استخدامه لقمع أولئك الذين لا يتماشى موقفهم مع موقف الحزب الحاكم المؤيد لروسيا. وهذا القانون، كما يقول منتقدوه، سوف يشكل عقبة على طريق جورجيا نحو عضوية الاتحاد الأوروبي.

يوجد قانون مماثل في الولايات المتحدة، وهو قانون تسجيل الوكلاء الأجانب (FARA)، الذي يفرض التزامات الكشف العلني على الأشخاص الذين يمثلون مصالح أجنبية ″العملاء الأجانب″، وقد عرفهم القانون على انهم أفراد أو كيانات تعمل في مجال الضغط المحلي أو الدفاع عن الحكومات أو المنظمات أو الأشخاص الأجانب (″المدراء الأجانب″)، ويكونون مطالبون بالتسجيل لدى وزارة العدل (DOJ)، والكشف عن علاقتهم والأنشطة وأي تعويضات مالية ذات صلة.

وفي أبريل 2021، اتفق البرلمان والمفوضية ومجلس الاتحاد الأوروبي على قواعد مشتركة محدثة لمزيد من الشفافية عندما يتعلق الأمر بأنشطة ممثلي المصالح على مستوى الاتحاد الأوروبي. تم توقيع الاتفاقية من قبل المؤسسات الثلاث في 20 مايو 2021. وفقًا للموقع الرسمي للاتحاد الأوروبي، فإن ″سجل الشفافية هو قاعدة بيانات تحوي ″ممثلي المصالح″ (المنظمات والجمعيات والمجموعات والأفراد العاملين لحسابهم الخاص) الذين يقومون بأنشطة للتأثير على سياسة الاتحاد الأوروبي وعملية صنع القرار″ ويوجد حاليًا 12580 منظمة مسجلة في سجل الشفافية.

ووفقًا لتقرير الشفافية الدولية لعام 2024، المسمى توحيد الشفافية عبر الاتحاد الأوروبي، أظهر استبيان للنظم التشريعية لـ 27 دولة عضوًا في الاتحاد الأوروبي ومؤسساته الثلاث الرئيسية في الاتحاد الأوروبي بشكل قاطع أن غالبية الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، تحديدا 15 دولة، قد اقرت بالفعل الاحكام الإلزامية المتعلقة بالشفافية. أما الدول الأعضاء الـ 12 المتبقية فلم يكن لديها أي أحكام طوعية أو لم يكن لديها أي أحكام على الإطلاق متعلقة بالشفافية. ويؤيد الأوروبيون بأغلبية ساحقة المزيد من الشفافية عندما يتعلق الأمر بالكشف الكامل عن مجموعات المصالح (وتمويلها) التي تهدف إلى التأثير على السياسة العامة.

ولا يزال حزب الحلم الجورجي يدعم عضوية جورجيا في الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، لكنه اتخذ موقفا مؤيدا لروسيا. وهم لا يريدون أن يمتد الصراع في أوكرانيا إلى جورجيا. وقد جمعت حكومة جورجيا أنصارها بعشرات الآلاف للاحتجاج المضاد أمام البرلمان الجورجي في تبليسي في 29 أبريل. لقد تعلمت جورجيا دروس الثورة الملونة في أوكرانيا، ومن المرجح ألا تتراجع أو تتخلى عن الشوارع للمعارضة.

أجرى أرماز أخفليدياني، وهو رجل قانون مستقل وعضو في البرلمان الجورجي ويدعم انضمام جورجيا للاتحاد الاوروبي، مقابلة حصرية مع iGlobenews لمناقشة الأحداث الجارية في تبليسي، وتأثيرها على عضوية جورجيا في الاتحاد الأوروبي والعلاقات التاريخية الوثيقة مع روسيا. يتمتع أخفليدياني بخبرة تزيد عن 30 عامًا في الحكم الديمقراطي والسياسة والانتخابات، بما في ذلك العمل مع الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني والهيئات التشريعية على المستويين المحلي والمركزي، ويعرف المشهد السياسي في جورجيا جيدًا، حيث يقضي أخفليدياني حاليًا فترة ولايته الثالثة. وهو عضو في اللجنة البرلمانية لجورجيا المعنية بالدفاع والأمن ومجلس الأخلاقيات التابع لها. وهو مؤسس ومدير مدرسة تبليسي للدراسات السياسية.

iGlobenews : في 14 ديسمبر، حصلت جورجيا على مركز ″المرشحة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي″. ما مدى جدية الحكومة في متابعة هذا الانضمام؟ ما هي فرصها مقارنة بالدول الأخرى التي تطلب عضوية الاتحاد الأوروبي، مثل أوكرانيا؟

أرماز أخفليدياني: إن الحصول على مركز العضو المرشح هو نتيجة لنضال طويل الأمد لا يكل من أجل القيم الديمقراطية والأوروبية للشعب الجورجي. وكان الحزب الحاكم، تحت زعامة إيفانيشفيلي، يعارض آنذاك والآن بشدة هذه العملية، في انتهاك صارخ لدستور البلاد، الذي يعترف بالاندماج الأوروبي لجورجيا كأولوية. إن أسلوب الحكم الذي تتبناه إدارة ″الحلم الجورجي″ يستبعد التحول الديمقراطي والتكامل الأوروبي. ومن خلال العنف والإرهاب الأخلاقي، يهدف الحزب الذي يقوده إيفانيشفيلي فقط إلى الحفاظ على السلطة. ومع ذلك فإن أغلب المواطنين الجورجيين يعارضون ذلك بشدة ويسعون جاهدين لحماية خيار جورجيا الأوروبي الأطلسي. إن انتصار أوكرانيا في الحرب وانضمامها إلى الاتحاد الأوروبي له أهمية كبيرة بالنسبة للجورجيين.

iGlobenews : الشرط الأساسي للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي هو أن جورجيا يجب أن تمرر الإصلاحات اللازمة للتأهل للانضمام. ويعتقد المراقبون أن جورجيا ربما تتحرك في الاتجاه المعاكس. على سبيل المثال، من الممكن أيضاً إساءة استخدام التعديلات التي تم إدخالها مؤخراً على قانون البث الإذاعي والتلفزيوني في جورجيا، والتي تهدف إلى قمع خطاب الكراهية، لتقييد حرية التعبير. ومن بين التحركات الأخرى التي اتخذها مشرعو الحلم الجورجي محاولة عزل الرئيسة سالومي زورابيشفيلي، بدعوى تجاوزها صلاحياتها الرئاسية في شؤون السياسة الخارجية. فهل تريد جورجيا الإصلاح أم أنها تقف على الحياد وتريد الأفضل من كلا العالمين؟

أرماز أخفليدياني: الحكومة الجورجية تفشل باستمرار في الوفاء بالتزاماتها بالانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. وعلاوة على ذلك، فإن تصرفاتها تعرقل بشكل صارخ المنظور الأوروبي للبلاد. إن التغييرات التشريعية التي ذكرتها هي بمثابة أداة خطيرة في أيدي الحكومة، حيث يتم استخدامها بقسوة ضد وسائل الإعلام والمنظمات والمواطنين المعارضين. فالرئيسة زورابيشفيلي، على الرغم من صلاحياتها المحدودة، تدافع بثبات عن المسار الأوروبي للبلاد، وهو الموقف الذي تنتقده الحكومة، حتى أنها ذهبت إلى حد حظر الزيارات الدولية الحاسمة المخصصة لهذا الغرض.

iGlobenews : أعلن حزب الحلم الجورجي الحاكم مؤخرًا عن خطط لإعادة عرض القانون الذي يلزم المنظمات التي تقبل التمويل من الخارج بالتسجيل كـ ″عملاء أجانب″ على البرلمان. ويتعين على المنظمات الجورجية التي تتلقى أكثر من 20 بالمائة من تمويلها من الخارج أن تسجل نفسها وإلا ستواجه عقوبات. وقد أثار هذا القانون جدلا كبيرا حيث أجبرت المظاهرات الحاشدة الحكومة على سحب محاولة إقرار هذا القانون العام الماضي. فما هي فرص إقرار هذا التشريع وما هو رأيكم فيه؟ أليست هذه خطوة تبعد جورجيا عن الاتحاد الأوروبي؟

أرماز أخفليدياني: إن إحياء قانون بوتين بشأن عملاء النفوذ الأجنبي يجعل الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي مستحيلًا تقريبًا. وهذا القانون، الذي سحبه الحزب الحاكم سابقًا تحت ضغط عام ووعد بعدم إعادة النظر في هذه القضية، قد عاود الظهور، ويشكل تهديدًا للمنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام على غرار أساليب بوتين. وعلى الرغم من الاحتجاجات واسعة النطاق من جانب مئات الآلاف من المواطنين الجورجيين والدعوات اليومية من جانب الشركاء الغربيين لحث حزب ″الحلم الجورجي″ على سحب هذه المبادرة والتخلي عنها، الا ان حزب إيفانيشفيلي يصر بكل عناد على عرقلة مسار البلاد نحو التكامل الأوروبي وإرساء الديمقراطية.

iGlobenews : كيف تتصور تبليسي حاليا تسوية الصراعات الإقليمية القائمة مع أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية؟ إن التكرار المستمر لصيغة ″نريد السلامة الإقليمية″ لم يحقق أي نتائج حتى الآن، ووفقا لآخر استبيان، فإن جيل الشباب في جورجيا يفقد الاهتمام بشكل متزايد بهذه القضية.

أرماز أخفليدياني: ان الصفة لحل النزاعات في جورجيا تتوقف على عدة عناصر رئيسية وهي: إرساء الديمقراطية في البلاد، والاندماج في المؤسسات الأوروبية الأطلسية، والانفصال التام عن نفوذ الكرملين، والتقدم الاقتصادي القوي، وإقامة دولة أوروبية موحدة وديمقراطية من خلال المصالحة مع المواطنين الأبخاز والأوسيتيين. وعلى الرغم من التحديات، أعتقد أن الشباب يدركون أهمية هذه القضية وسيلعبون دورًا حاسمًا في دفع التغيير الإيجابي في المستقبل.

iGlobenews : أدى الغزو الروسي في عام 2008 إلى تقطيع أوصال الدولة الجورجية بشكل فعال من خلال فرض انفصال منطقتي أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية اللتين تمثلان حوالي 20 بالمائة من أراضي جورجيا. وتمثل سابقة انضمام جزء من قبرص (الجزء الجنوبي الذي تسيطر عليه اليونان) إلى الاتحاد الأوروبي في عام 2004 تحدياً مستمراً للاتحاد الأوروبي. ومع وضع كل هذا في الاعتبار، فهل يستطيع الاتحاد الأوروبي، أو ينبغي له، أن يضم دولة جورجيا، التي تحتلها جارة معادية جزئياً؟ ما الذي يميز جورجيا عن قبرص؟

أرماز أخفليدياني: إن الديناميكيات التاريخية والجيوسياسية المؤثرة هنا معقدة، لكنني أعتقد أن الاتحاد الأوروبي يدرك التهديدات الكبيرة التي يشكلها الكرملين وسيقدم دعمه الكامل لجورجيا. ومع ذلك فإن قدرة جورجيا على الوفاء بالتزاماتها فيما يتعلق بإرساء الديمقراطية وسيادة القانون هي التي ستحدد النتيجة في نهاية المطاف. ومن الأهمية بمكان أيضاً أن يتصدى الغرب بفعالية لنوايا الكرملين الخبيثة، مستلهماً مرونة أوكرانيا وقدرتها على الصمود. علاوة على ذلك، فإن تعزيز الحوار المباشر مع المجتمعين الأبخازي والأوسيتي يشكل ضرورة أساسية لتحقيق المصالحة وضمان التنمية المزدهرة لجورجيا كدولة موحدة.

iGlobenews : ما هو موقف جورجيا من التعاون الإقليمي في جنوب القوقاز؟ الى الآن لا تزال الخلافات سائدة، وخاصة بين أرمينيا وأذربيجان بعد الحرب الأخيرة حول ناجورنو كاراباخ. ومن دون وجود مصالح بين الدول الثلاث في جنوب القوقاز، فإنها سوف تظل بيدقاً في أيدي القوى العظمى المحيطة بها.

 أرماز أخفلدياني: يتمتع جنوب القوقاز بالقدرة على أن يكون بمثابة منارة للتعاون الإقليمي والتقدم الديمقراطي والتنمية المستقرة والسلمية. ويتطلب تحقيق هذه الرؤية استئصال النفوذ الخبيث الذي يمارسه الكرملين في المنطقة، وتعزيز الشراكات الأوروبية الأطلسية، وجهود التحول الديمقراطي، والتعاون الاقتصادي المتبادل المنفعة القائم على الثقة. وبالإضافة إلى ذلك، يجب اتخاذ خطوات كبيرة لإعادة بناء الثقة بين شعوب المنطقة. إن التطورات الإيجابية الأخيرة، مثل تطبيع العلاقات الأرمنية الأذربيجانية والدور المتزايد لجورجيا في جنوب القوقاز، إلى جانب المشاركة النشطة للشركاء الغربيين وتضاؤل نفوذ الكرملين، تعتبر علامات مشجعة. هذه الاتجاهات تقربنا من تحقيق مساحة ديمقراطية وآمنة موحدة في جنوب القوقاز.

الصورة: جورجيا، تبليسي، 28 أبريل 2024: الأشخاص الذين يحتجون على قانون العملاء الأجانب يسيرون نحو البرلمان الجورجي. في أوائل إبريل/نيسان، قرر الحزب الحاكم في جورجيا، الحلم الجورجي – جورجيا الديمقراطية، إعادة تقديم مشروع القانون بشأن شفافية النفوذ الأجنبي الذي حاول إقراره في مارس/آذار 2023، لكنه اضطر إلى الانسحاب بسبب الاحتجاجات الجماهيرية. © إيماجو / إيتار تاس

WordPress Cookie Notice by Real Cookie Banner