على الرغم من وصول معدل التضخم التركي إلى ذروته عند 85%، والزلازل القاتلة التي وقعت في فبراير والتي أودت بحياة أكثر من 50 ألف شخص، وأزمة الهجرة المستمرة المثيرة للانقسام والقضية الكردية، فإن الرئيس الحالي أردوغان وحزبه حزب العدالة والتنمية (Adalet ve Kalkınma Partisi) قد فازوا في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي جرت في مايو. وقد حظي أردوغان بتأييد مجموعة واسعة من الدول ذات الأنظمة السياسية المختلفة.
Meric Sentuna Kalaycioglu, 2023/6/20
English version | Russian version
في أعقاب الانتخابات التركية في مايو، وفي ظل معدل تضخم بلغ ذروته 85% في الأشهر السابقة، والزلازل التي أودت بحياة أكثر من 50 ألف شخص في فبراير، وأزمة الهجرة والقضية الكردية، تولى الرئيس الحالي أردوغان وحزبه، حزب العدالة والتنمية، السلطة مرة أخرى في البرلمان وفي الرئاسة. وعلى الرغم من تحقيق حزب العدالة والتنمية أسوأ نتيجة له منذ عام 2002، فإن خطوات أردوغان المحسوبة نحو تشكيل ″تحالف الشعب″، وهو شراكة مع الأحزاب القومية والإسلامية اليمينية المتطرفة (حزب الحركة القومية MHP وحزب الاتحاد الكبير BBP، وحزب الرخاء الجديد YRP) أدى إلى النصر. حيث قام بهزيمة تحالف الأمة، برئاسة كمال كيليجدار أوغلو، زعيم حزب المعارضة الرئيسي، حزب الشعب الجمهوري (Cumhuriyet Halk Partisi)، الذي أسسه مصطفى كمال أتاتورك في عام 1923.
ومع مشاركة ضخمة بلغت 86%، أدلى حوالي 56 مليون شخص في الداخل والخارج بأصواتهم في جولتي الانتخابات يومي 14 و28 مايو. وفي الساعات التي أعقبت إعلان فوز أردوغان، هنأ القادة في جميع أنحاء العالم أردوغان عبر تويتر ومن خلال نشر الإعلانات الرسمية. وخاطبه فلاديمير بوتين، رئيس روسيا، باعتباره ″صديقاً عزيزاً″، ولم يكن الوحيد الذي خاطبه بهذه الطريقة. وأوضح دونالد ترامب، الرئيس الخامس والأربعون للولايات المتحدة الأمريكية، أنه يعرف أردوغان جيدًا ويعتبره ″صديقًا″. وقد أطلق عليه الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو ورئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني لقب ″الأخ″. ومع ذلك، فإن زعماء العالم الآخرين، ولا سيما رؤساء الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، وكذلك رؤساء المنظمات الدولية مثل حلف شمال الأطلسي والمفوضية الأوروبية والمجلس الأوروبي، استخدموا لغة أكثر برودة وأكثر رسمية، وخاطبوه بـ ″الرئيس″.
بالنسبة للولايات المتحدة والمملكة المتحدة، تعتبر تركيا حليفًا رئيسيًا لحلف شمال الأطلسي. وبالنسبة للصين، تعتبر تركيا ″شريكا استراتيجيا″. وبالنسبة لفرنسا، تعتبر تركيا شريكًا ستتغلب معه على ″التحديات الكبيرة المتمثلة في إعادة السلام إلى أوروبا، ومستقبل تحالفها الأوراسي والبحر الأبيض المتوسط″. وبالنسبة للمستشار الألماني أولاف شولتس، فإن العلاقات التركية الألمانية ″متشابكة بعمق″ وهو يريد مواصلة هذا التحالف. حيث ان ألمانيا لديها أكبر عدد من السكان الأتراك بجانب تركيا. وأشار الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى الدور الشخصي لأردوغان في مواصلة ″صفقة الحبوب″ من أجل الأمن الغذائي العالمي.
وعلى الرغم من استمرار تركيا في استخدام حق الفيتو ضد محاولة السويد الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، مشيرة إلى مخاوف بشأن توفير السويد ملاذًا آمنًا لأعضاء حزب العمال الكردستاني، الذي تعتبره أنقرة جماعة ″إرهابية″، هنأ رئيس الوزراء السويدي أردوغان على إعادة انتخابه. مشيراً إلى أن ″أمننا المشترك هو أولوية مستقبلية″. ولقد صنفت تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي حزب العمال الكردستاني منظمة إرهابية.
وتأمل أرمينيا، التي قطعت تركيا علاقات دبلوماسية معها منذ عام 1993 بسبب الحرب في ناغورنو كاراباخ، في التطبيع الكامل للعلاقات بين أرمينيا وتركيا.
ولقد أقيم حفل التنصيب الرسمي في 3 يونيو 2023 في أنقرة. حيث استضافت أنقرة مسؤولين رفيعي المستوى من كوبا والمجر وفنزويلا ومنطقة البلقان والجمهوريات التركية في آسيا الوسطى ودول في منطقة القوقاز بما في ذلك أرمينيا. كما استضافوا دولًا أفريقية وآسيوية بما في ذلك جمهورية الكونغو والصين وغينيا ولبنان وروسيا وباكستان والسنغال. وضم تمثيل 78 دولة 21 رئيسا و13 رئيس وزراء ورؤساء مجالس ورؤساء سابقين ورؤساء وزراء سابقين. وكان هناك أيضًا تمثيل من ثماني منظمات دولية مثل حلف شمال الأطلسي ومنظمة الدول التركية ومنظمة التعاون الإسلامي. ولكن كان هناك نقص ملحوظ في مشاركة زعماء أوروبا الغربية في الحفل.
إن الفارق بين الدول التي نقلت رسائل التهنئة وتلك التي شاركت فعلياً في حفل التنصيب ينطوي على مناقضة إلى حد ما. وذلك حيث استخدم أردوغان خلال حملتة الانتخابية خطابًا مناهضًا للغرب تمامًا وذلك على النقيض من موقف منافسه كليجدار أوغلو المؤيد للاتحاد الأوروبي. وعلى الرغم من ذلك، يعتبر القادة الأوروبيون أردوغان شريكًا مهمًا للاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي. فعقب سنوات من اتهام تركيا بأنها تعاني من ديمقراطية مختلة، أصبحت ردود أفعال زعماء العالم الغربي مثيرة للاهتمام.
وتم استخدام شعار أردوغان الشهير ″العالم أكبر من خمسة″ منذ عام 2103 كنقد للهيكل الحالي لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، في إشارة إلى أعضائه الدائمين – الصين وفرنسا وروسيا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة. وبالنظر إلى قائمة الدول الممثلة في حفل التنصيب، فمن الملاحظ أن شعاره كان فعالاً. ولقد حظي أردوغان بتأييد مجموعة واسعة من الدول ذات الأنظمة السياسية المختلفة. ان أردوغان سياسي براغماتي، ويختار الحلفاء على أساس المصالح المشتركة، بدلاً من القيم المشتركة أو التحالفات، أو كما قال القديس بولس في رسالته إلى أهل كورنثوس: لا يمكنكم أن تكونوا كل شيء لجميع الناس.
صورة: الرئيس التركي وزعيم حزب العدالة والتنمية رجب طيب أردوغان يخاطب الحشد خلال التجمع الانتخابي الرئيس التركي وزعيم حزب العدالة والتنمية رجب طيب أردوغان يخاطب الحشد خلال التجمع الانتخابي في أنقرة، تركيا في 11 مايو 2023. © IMAGO / APAimages