تقدم الحكومة السعودية مبالغ مالية مهولة لأفضل لاعبي الجولف في العالم للانضمام إلى جولة LIV (54) الجديدة للجولف. هل هذه محاولة لتنمية لعبة الجولف حول العالم أم محاولة لـ ″لتبيض″ سمعة المملكة العربية السعودية بالرياضة؟
Shane O’Callaghan, 2022/7/25
English version | Chinese version | German version | Spanish version
ينضم العديد من أعظم لاعبي الجولف في العالم إلى جولة LIV Golf الاحترافية الجديدة للجولف، ولكن عضويتهم الجديدة في الجولة تأتي مع أكثر من مجرد مكافأة توقيع ضخمة. حيث يتلقى اللاعبون الذين ينضمون أسئلة لا هوادة فيها حول انتهاكات حقوق الإنسان والقتل الهمجي وتقطيع أوصال الصحفي الأمريكي جمال خاشقجي.
في ظاهر الأمر، قد يبدو من غير المعتاد أن يواجه نخبة لاعبي الجولف مثل داستن جونسون، وفيل ميكلسون، وبريسون ديشامبو مثل هذه الأسئلة. وذلك حتى يعلم المرء أن الجولة الجديدة يتم تمويلها من قبل صندوق الثروة السيادية السعودي، وقد وصفها الكثيرون بأنها محاولة لاستخدام الرياضة ″لتبيض ″ سمعة الحكومة السعودية المثيرة للقلق.
ولكن ما هي مقدار الأموال التي يتم عرضها على اللاعبين للانضمام إلى تلك الجولة الجديدة؟ بحسب ما ورد، فلقد عُرض على داستن جونسون، الذي كان يصنف لاعب الجولف الأول في العالم، ما يقرب من 150 مليون دولار أمريكي للانضمام. وبالمثل، أفادت التقارير أن فيل ميكلسون وبريسون ديشامبو قد عُرض عليهما 200 مليون دولار أمريكي و150 مليون دولار أمريكي، على التوالي. ولكن المثير للدهشة أن أسطورة الجولف تايجر وودز رفض عرضًا بقيمة مليار دولار تقريبًا للانضمام إلى تلك الجولة المثيرة للجدل.
أصبحت LIV Golf الآن منافسًا مباشرًا لأعرق جولات الجولف الاحترافية في العالم، وهي رابطة الجولف الاحترافية (PGA) . لسوء الحظ بالنسبة لـ PGA فانه لا يمكنها أن تقدم للاعبين أي شيء قريب من المبالغ المالية الفلكية التي تقدمها الجولة الممولة من السعودية. وأيضا، لا تقدم LIV Golf مبالغ ضخمة فقط للانضمام، ولكن الجوائز المالية المتاحة للمشاركين في بطولاتها تعد أكبر بكثير من تلك الخاصة بأحداث PGA.
وحتى بعد زيادة محفظتها هذا العام، فإن متوسط محفظة PGA للبطولة البالغة 9.1 مليون دولار أمريكي يتضاءل مقارنة بمتوسط محفظة LIV Golf البالغة 25 مليون دولار أمريكي. وعلاوة على ذلك، بلغ متوسط العائد لكل لاعب نهائي في أول بطولة LIV Golf في لندن مبلغ 521,000 دولار أمريكي – أي ما يقرب من ضعف متوسط الدفع في الحدث الأعلى ربحًا PGA .
إن المحفظة الكبيرة ليست هي الشيء الوحيد الذي يميز جولة الجولف السعودية الجديدة عن PGA حيث طبقت LIV أيضًا عددًا من القواعد المختلفة. ومنها، أن اللاعبين في الجولة السعودية يتنافسون ضمن فرق وليس بشكل فردي. بالإضافة إلى ذلك، هناك ثلاث جولات فقط من الجولف في بطولات LIV، مقارنة بالأربع جولات القياسية في جولة PGA . ونظرًا لقلة عدد اللاعبين في الجولة السعودية، لا يتم أيضًا إقصاء اللاعبين من البطولة بعد جولتين، ويبدأ اللاعبون الجولة بطريقة ″البندقية″. تشير كلمة ″البندقية″ إلى طريقة اللعب التي يبدأ فيها اللاعبون الجولة على فتحات مختلفة في وقت واحد. وغالبًا ما يتم استخدامه في البطولات الاجتماعية، ولكن ليس في بطولات PGA الاحترافية.
وعلى الرغم من المبالغ المالية الكبيرة والقواعد الفريدة، لم تتمكن الجولة واللاعبون فيها من تجنب الأسئلة المطروحة حول سمعة المملكة العربية السعودية المثيرة للجدل. واضطر اللاعبون وممثلو الجولات مراراً وتكراراً إلى الإجابة على أسئلة حول الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان التي ترتكبها الحكومة، مثل الحرب الكارثية التي تقودها السعودية في اليمن، والتمييز على نطاق واسع ضد المرأة، وقطع رؤوس السجناء بشكل متكرر. بالإضافة إلى قضايا حقوق الإنسان، وواجه اللاعبون أيضًا أسئلة صعبة حول القتل الوحشي لصحفي واشنطن بوست جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في إسطنبول، والذي خلصت CIA إلى أنه تم بأمر مباشر من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.
ولقد ظهر الرئيس التنفيذي لشركة LIV Golf ، جريج نورمان، الفائز ببطولتين كبيرتين في PGA، غير مبالٍ بشكل مدهش بشأن هذه المخاوف. وقال نورمان لمؤسسات إخبارية بريطانية: ″انظروا، لقد ارتكبنا جميعًا أخطاء، ويجب على المرء أن يتعلم من تلك الأخطاء وكيف يمكنك تصحيحها في المستقبل″.
وبالنسبة للعديد من اللاعبين الذين قرروا الانضمام إلى الجولة، يبدو أن يوم استلام العوائد قد فاق مخاوفهم بشأن حقوق الإنسان أو مقتل السيد خاشقجي. ولعل التحول الأكثر وضوحا جاء من أحد اللاعبين الأعلى أجرا، فيل ميكلسون. حيث انه قد سبق للبطل الرئيسي لست مرات واقر في مقابلة أجريت في نوفمبر 2021 بأن السعوديين قتلوا خاشقجي ووصف سجلهم في مجال حقوق الإنسان بأنه ″مريع″. على الرغم من أن ميكلسون اتهم الحكومة السعودية بـ ″التبيض بالرياضة ″ ووصفهم بأنهم ″ اشخاص مخيفين في التعامل″ ، يبدو أن 200 مليون دولار كانت كافية له للتغلب على هذا المخاوف في النهاية.
بالإضافة إلى الوابل المستمر من الأسئلة الصعبة من الصحفيين، واجه اللاعبون أيضًا ضغوطًا من الناجين من هجمات 11 سبتمبر الإرهابية لأن 15 من الخاطفين التسعة عشر كانوا مواطنين سعوديين. ولقد أرسلت منظمة عائلات 11 سبتمبر المتحدة رسائل إلى فيل ميكلسون، وداستن جونسون، وبريسون ديشامبو، وباتريك ريد، وكيفن نا، تتهمهم فيها بخيانة بلادهم وتبييض صورة السعوديين بالرياضة.
وبطبيعة الحال، نظرًا لأن LIV Golf تشكل تهديدًا لقدرة PGA على البقاء كجولة الجولف الأكثر جاذبية للاعبي النخبة، فقد وقفت PGA ضدها بحزم. وخلال إحدى المقابلات، سأل مفوض PGA جاي موناهان: ″كيف يكون هذا مفيدًا للعبة التي نحبها؟″ ولقد قرر Monahan وPGA أيضًا تعليق جميع لاعبي PGA الذين اختاروا اللعب في سلسلة LIV Golfوردت ليف ووصفت هذه الخطوة بأنها ″انتقامية. ″
كمنافس مباشر، فأن موقف PGA يتأثر بشكل كبير من التهديد المحتمل الذي تشكله LIV Golf على حصتها في السوق وليس سجل حقوق الإنسان السعودي. وفي الواقع، فلقد كانت PGA هادئة نسبيًا بشأن مخاوف التمويل السعودي لـ LIV. وعندما سأل المذيع الرياضي جيم نانتز عن حجم المشكلة التي يواجهها التمويل السعودي لشركة LIV Golf، قال موناهان ببساطة: ″حسنًا، إنها ليست مشكلة بالنسبة لي لأنني لا أعمل لصالح حكومة المملكة العربية السعودية. لكن من المحتمل أن تكون هذه مشكلة بالنسبة للاعبين الذين اختاروا الذهاب وأخذ تلك الأموال″.
لقد كانت الرياضة منذ القدم وسيلة للأشخاص من جميع الخلفيات والجنسيات المختلفة للتقابل معًا للمنافسة الودية والترفيه. ومع ذلك، فإن هذه المحاولة المزعومة من جانب الحكومة السعودية لتطهير سمعتها من خلال إنشاء دوري خاص بها وإنفاق مبالغ لا تصدق على أفضل اللاعبين في العالم هي جزء من اتجاه أوسع لمحاولات التبييض الرياضي الذي يتضمن شراء نادي نيوكاسل يونايتد الإنجليزي لكرة القدم بتمويل سعودي واستضافة قطر لكأس العالم لكرة القدم 2022.
إذا نجحت هذه الجهود، فقد تشكل سابقة مثيرة للقلق بالنسبة لمستقبل الرياضة وحقوق الإنسان. ولا ينبغي لأي مبلغ من المال أو بطولات رياضية جديدة مثيرة للاهتمام أن يعفي المملكة العربية السعودية – أو أي دولة أخرى – من التجاهل السافر لحقوق الإنسان وقتل الصحفيين والمدنيين الأبرياء.
ولقد تم منع الرياضيين من روسيا وبيلاروسيا من المشاركة في مختلف الأحداث الرياضية، مثل ويمبلدون، نتيجة للغزو الروسي لأوكرانيا، ونفذت دول متعددة مقاطعة دبلوماسية لدورة الألعاب الأولمبية 2022 في بكين بسبب انتهاكات حقوق الإنسان ضد الأويغور في شينجيانغ. إن استعداد الغرب لاستخدام الرياضة لمعاقبة روسيا والصين على انتهاكات حقوق الإنسان مع دعم وتربح منتهكين آخرين لحقوق الإنسان، مثل المملكة العربية السعودية، لا يؤدي إلا إلى إضفاء المزيد من المصداقية على السرد الهادم للنفاق الغربي وعدم الصدق فيما يتعلق بحقوق الإنسان.
وإذا استمر الغرب في إدانة انتهاكات حقوق الإنسان التي يرتكبها خصومه وتجاهل تلك الانتهاكات التي يرتكبها حلفاؤه الاستراتيجيون، فإن سجله في مجال حقوق الإنسان سوف يظل يتمتع بمصداقية لا تقل عن مصداقية ″الرقم القياسي العالمي″ الذي سجله دكتاتور كوريا الشمالية السابق كيم جونج إل والذي بلغ 34 هدفاً في ملعب الجولف.