تم مؤخرًا شراء أراضٍ زراعية تبلغ قيمتها مليار دولار تحيط بالقواعد العسكرية الأمريكية في كاليفورنيا من قبل شركة غامضة. تشتري الصين الأراضي المحيطة بالعديد من المنشآت العسكرية الأمريكية في وسط وجنوب غرب ولاية تكساس. من الناحية الفنية، يتم شراء هذه الأرض من قبل فلانيري أسوشيتس. ولكن تجذب أصول هذه الشركة الاهتمام وكثرت التكهنات حولها. هل لدى فلانيري أسوشيتس جذور صينية؟ لماذا تهتم بمساحات واسعة من الأراضي في الولايات المتحدة الأمريكية؟ وكيف يمكن أن يؤثر ذلك على سوق العقارات؟
ادى تواجد منطاد التجسس الصيني المرتبط بالجيش الذي عبر المجال الجوي الأمريكي، الى اثارة حافز المشرعين الأمريكيين لتقييد ملكية الصين للأراضي الزراعية الأمريكية. حيث شهدت هذه الحادثة الدرامية عبور منطاد المراقبة عبر البلاد، وحامت فوق المنشآت العسكرية الأمريكية، وفي نهاية المطاف أسقطته طائرة مقاتلة أمريكية قبالة ساحل ولاية كارولينا الجنوبية في فبراير 2023. ووفقًا لقناة NBC 11، فقد تم إبلاغ وزارة الزراعة الأمريكية عن مشتريات من قبل كيانات الصينية في الفترة من 1 يناير 2022 حتى 30 يونيو 2023. والأمر المثير للقلق هو أن عمليات شراء الأراضي هذه تتم على مقربة من القواعد العسكرية الأمريكية.
ويعكف البيت الأبيض والمشرعون الفيدراليون في واشنطن على استكشاف سبل لتقليص عدد الشركات المملوكة للصين. ويهدف هذا النهج المدعوم من الحزبين إلى الحد من نفوذ الصين على الأراضي الأمريكية. وفي الوقت نفسه، تبنى المشرعون في الولاية نهجاً جديداً يهدف إلى حماية الاستثمارات المحلية القادمة من الصين، عن طريق تطبيق قيود على ملكية الأراضي الصينية. وفي خلال العام الحالي فقط، قدم المشرعون في 33 ولاية 81 مشروع قانون يسعى إلى منع الحكومة الصينية، وبعض الشركات التي يوجد مقرها في الصين، والعديد من المواطنين الصينيين من الحصول على الأراضي الزراعية أو العقارات بالقرب من القواعد العسكرية.
لقد تحولت عشرات من مشاريع القوانين تلك الى قانونين بالفعل في ولايات مثل ألاباما وأيداهو وفيرجينيا. ورغم أن العديد من هذه التدابير حظيت بدعم الهيئات التشريعية التي يهيمن عليها الجمهوريون، فإن العديد منها حظي بدعم الحزبين الجمهوري والديمقراطي. وتمثل هذه الطفرة التشريعية زيادة كبيرة عن العامين الماضيين عندما تم تقديم أقل من 30 مشروع قانون من هذا القبيل، ولم يصبح سوى اثنان منها قانونًا. ويمكن أن نعزو الزخم المكتشف حديثا هذا العام إلى الإنذار المتزايد الذي أثارته رحلة منطاد التجسس الصيني عبر الولايات المتحدة.
في تطور اخير، والذي أحدث صدى في كل من الدوائر السياسية والعسكرية، بدأ المسؤولون الأمريكيون في إجراء تحقيق في شركة فلانري أسوشيتس، الكيان الذي يقف وراء عملية استحواذ كبيرة على الأراضي المحيطة بقاعدة ترافيس الجوية في كاليفورنيا. وقد أثارت هذه القطعة المترامية الأطراف من الأراضي الزراعية، التي تبلغ مساحتها ما يقرب من 21000 هكتار، أجراس الإنذار لدى السلطات بسبب قربها الاستراتيجي من القاعدة العسكرية.
وفي حين أكد محامو فلانري أسوشيتس باستمرار ملكيتها للولايات المتحدة، وأكدوا رفضهم لفكرة النفوذ الأجنبي، أكدت الوكالات الحكومية أن تدقيقها يركز على ملكية الشركة ومصدر أموالها وسبب شراء الأرض.
وتبلغ القيمة التقديرية لهذه الأرض 800 مليون دولار أمريكي. ولقد كشف التحقيق، الذي قاده مكتب مراجعة مخاطر الاستثمار الأجنبي التابع للقوات الجوية الأمريكية، أن شركة Flannery Associates LLC استحوذت على الأرض منذ عام 2018. ومع ذلك، وعقب ثمانية أشهر من التدقيق الدقيق، تظل الأسئلة الحاسمة دون إجابة، وهي من يمتلك شركة Flannery Associates وشركة Flannery Associates وهوية المستثمرين الذين يقودون هذا الاستيلاء الضخم على الأراضي.
أعرب عضو الكونجرس جون جاراميندي، وهو ديمقراطي يمثل أجزاء من منطقة خليج سان فرانسيسكو القريبة من موقع قاعدة ترافيس الجوية، عن مخاوفه من أن استحواذ فلانيري أسوشيتس على الأراضي يمكن أن يكون قضية أمن قومي وطالب بمزيد من الشفافية. وقال جاراميندي ″ ان هذا يمثل مصدر قلق كبير لأنه ليس لدينا أي فكرة عن هوية المالكين ″وذكر ايضا ″ إننا نشم رائحة النقود الصينية. ″
وفي الوقت نفسه، أبدت وزارة الزراعة الأمريكية أيضًا اهتمامًا كبيرًا بالوضع، وكثفت التدقيق في الشركة. وكشف التحقيق الذي أجروه أن معظم قطع الأراضي المكتسبة كانت في الأصل مخصصة للاستخدام الزراعي.
ومع بدء انتشار شائعات الملكية الأجنبية، دحض الممثل القانوني لشركة فلانري أسوشيتس التكهنات بأن الاستثمار الأجنبي يشكل النسبة الاكبر. وذكر المحامي أن 97% من الاستثمار جاء من مصادر أمريكية، بينما جاءت الأموال المتبقية من مساهمين بريطانيين وإيرلنديين. وفي بيان، تم وصف فلانيري أسوشيتس بأنها شركة مملوكة لمجموعة من المواطنين الأمريكيين الذين يتطلعون إلى تنويع محفظتهم الاستثمارية من الأسهم إلى الأصول الحقيقية، بما في ذلك الأراضي الزراعية في غرب الولايات المتحدة.
وبالعودة إلى عام 2019، أكد تقرير صادر عن وزارة الزراعة الأمريكية (USDA) حقيقة مذهلة: وهي ان الصين تمتلك مساحة كبيرة من الأراضي الزراعية الأمريكية، تمتد على مساحة شاسعة تبلغ 192 ألف فدان، بقيمة تقديرية تتجاوز 1.9 مليار دولار أمريكي. ولقد كشف تقرير وزارة الزراعة الأمريكية المحوري لعام 2018 عن توجه مهم، وهو ارتفاع ملكية الصين للأراضي الزراعية في الولايات المتحدة، وكذلك في بلدان أخرى، بمقدار عشرة أضعاف منذ عام 2009. وهذا الاكتشاف يثير فضول أولئك الذين يدرسون الوجود الصيني المتزايد في المشهد الزراعي.
وفي يوليو 2022، أرادت مجموعة Fufeng Group الصينية شراء 300 فدان من الأراضي الزراعية والتي تقع على بعد دقائق من قاعدة للقوات الجوية الأمريكية في داكوتا الشمالية والتي تضم بعضًا من تكنولوجيا الطائرات بدون طيار الأكثر حساسية في البلاد (قاعدة جراند فوركس الجوية) وذلك مقابل 2.3 مليون دولار أمريكي. ووفقا لفوفينغ، تم شراء الأرض لإنشاء مصنع طحن. ولكن عارض عملية الشراء كلا من الرئيس الديمقراطي والعضو الجمهوري في لجنة المخابرات بمجلس الشيوخ المشروع. ونظرًا للمخاطر المتعلقة بالأمن القومي، تم إلغاء عملية الشراء بالإجماع في تصويت بين الحزبين بموجب قرار مجلس مدينة غراند فوركس في فبراير 2023.
وقبل مشروع فوفينج في داكوتا الشمالية، حاولت شركة صينية أخرى، وهي شركة Guanghui Energy Co. Ltd، الاستحواذ على 140 ألف فدان بالقرب من قاعدة لافلين الجوية في تكساس لصالح مشروع طاقة الرياح بلو هيلز، مما أثار المخاوف بسبب علاقات مالكها بالحزب الشيوعي الصيني. مما دفع المشرعين المحليين إلى إقرار ″قانون لون ستار لحماية البنية التحتية″ الذي يحظر الاتفاقيات مع الشركات المملوكة لأجانب فيما يتعلق بالبنية التحتية الحيوية.
ويطالب الجمهور الآن بإجابات مع استمرار الجدل حول الاستحواذ على الأراضي المحيطة بقاعدة ترافيس الجوية. وفي مجلس النواب الأمريكي، قدم النائب توني جونزاليس والسيناتور تيد كروز تشريعًا لوقف مزرعة الرياح وتقييد شراء العقارات من قبل الكيانات الصينية أو الروسية أو الإيرانية أو الكورية الشمالية في نطاق 100 ميل من المنشآت العسكرية الأمريكية أو في نطاق 50 ميلًا من مناطق عمليات القوات العسكرية.