تركز مبادرة Atoms4Food المشتركة بين الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومنظمة الأغذية والزراعة على تحسين سلامة الأغذية من خلال استخدام التقنيات النووية لمكافحة الملوثات ومسببات الأمراض والآفات في المنتجات الغذائية. وسلطت الندوة الدولية حول سلامة الأغذية ومراقبتها، التي عُقدت في فيينا في الفترة من 27 إلى 31 مايو 2024، الضوء على الكيفية التي يمكن بها للعلوم والتكنولوجيا النووية أن توفر حلولاً مبتكرة وعملية لتحقيق الأمن الغذائي وتعزيز الرفاهية. وتقدم تلك المبادرة أدوات مبتكرة لزراعة محاصيل أكثر صحة وأمانًا للحد من الأمراض المنقولة بالغذاء.
Bruce McMichael
2024/6/20
English version | Chinese version | French version | German version
العالم يواجه أزمة غذائية. لقد ساعدت الصراعات وتغير المناخ وضعف الثقافة بشأن سلامة الغذاء في التسبب في جعل ما يقرب من 800 مليون شخص يتعرض للجوع يوميا و3.1 مليار شخص غير قادرين على تحمل تكاليف نظام غذائي صحي، في حين تتزايد معدلات السمنة.
كانت هذه القضايا، وكيفية استخدام التكنولوجيا النووية في عمليات توفير الغذاء، موضوع ندوة دولية كبرى بشأن سلامة الأغذية ومراقبتها عُقدت في مقر الوكالة في فيينا، النمسا، في الفترة من 27 إلى 31 مايو 2024، أي قبل أسبوع من انعقاد المؤتمر السنوي لليوم العالمي لسلامة الأغذية برعاية الأمم المتحدة والمقرر عقده في 7 يونيو 2024.
وقد صرح المدير العام للوكالة رافائيل ماريانو غروسي بأن “تزايد الظواهر المناخية سيؤدي إلى تلف المزيد من المحاصيل مع ارتفاع الطلب العالمي على الغذاء. وأضاف “نحن بحاجة إلى استخدام كل أداة لدينا لزراعة المزيد من الغذاء… العلم النووي يوفر أدوات مذهلة ومبتكرة لزراعة محاصيل أقوى وأكثر صحة وأكثر أمانًا ولحماية الغذاء الذي نحتاجه للعيش.”
3 June 2024, Vienna, Austria. Opening statement to the IAEA’s Board of Governors, Director General Rafael Mariano Grossi on Ukraine, Iran, Atoms4Food, Rays of Hope and More. © IAEA
في أواخر عام 2023، تعاونت الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومقرها فيينا ومنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو)، ومقرها في روما، لتقديم مبادرة Atoms4Food، وهي مبادرة لاستخدام مجموعة من التقنيات النووية لدعم سلامة الأغذية العالمية وتعزيزها.
تركز تلك المبادرة على تحسين سلامة الأغذية من خلال استخدام التقنيات النووية والنظائرية للسيطرة على الملوثات ومسببات الأمراض والآفات في المنتجات الغذائية. وتعتبر تقنيات تشعيع الأغذية لإطالة مدة الصلاحية وتقليل الأمراض المنقولة بالغذاء ذات أهمية كبيرة في هذه المبادرة.
وقال المدير العام لوكالة الطاقة الذرية غروسي والمدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة تشو دونجي في بيان مشترك عند إطلاق البرنامج: “إننا نجد أنفسنا في وقت غير مسبوق، حيث يتزايد الجوع وسوء التغذية، مما يشكل تهديدًا للإنسانية”.
تتضمن سلامة الأغذية التأكد من أن ما نأكله ونشربه خالي من الملوثات وصالح للاستهلاك البشري. وعلى المستوى العالمي، يضع الدستور الغذائي، الذي طورته منظمة الأغذية والزراعة ومنظمة الصحة العالمية، المعايير الدولية لسلامة الأغذية، وفي ذات الوقت قامت بعض البلدان بسن قوانين متعلقة بسلامة الغذاء مثل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية والوكالة الأوروبية لسلامة الأغذية .
وتؤثر هذه القضية على العديد من أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة. على سبيل المثال، فإن الهدف 2 المتمثل في القضاء على الجوع، والهدف 3 المتمثل في الصحة الجيدة والرفاهية، والهدف 6 المتعلق بالمياه النظيفة والصرف الصحي، والهدف 12 المتعلق بالاستهلاك والإنتاج المسؤولين، كلها تتأثر بقضايا سلامة الأغذية ومراقبتها.
تلعب الطاقة النووية دوراً هاماً في تعزيز سلامة الأغذية من خلال الاشعاعات. حيث إن استخدام النظائر المشعة في التقنيات الزراعية يقضي على مسببات الأمراض، ويسيطر على الآفات، ويطيل مدة الصلاحية، ويحسن الممارسات الزراعية، كما استمع المندوبون في إلى متحدثين الندوة من جميع أنحاء العالم.
إن المبادرات البحثية التعاونية، مثل تلك التي أجريت في جامعة تسينغهوا في الصين وجامعة تكساس إيه آند إم في الولايات المتحدة الأمريكية، تقود الطريق في تحسين طريقة عمل الاشعاعات وتطوير تطبيقات جديدة لسلامة الأغذية. وتسلط هذه الجهود الضوء على قدرة الاشعاعات من مصدر آلي على إحداث تحول في صناعة الأغذية، باستخدام تقنيات خالية من المواد الكيميائية لضمان معايير أعلى للنظافة وتوسيع نطاق الوصول العالمي إلى منتجات غذائية آمنة وعالية الجودة. . “وفي الوقت نفسه، فهو يقلل من فقدان الغذاء، ويمنع الأمراض التي تنتقل عن طريق الأغذية، ويسهل التجارة الدولية في السلع الغذائية من خلال جهود البحث المنسقة وتنفيذ التقنيات المبتكرة.”
يمكن أن يساعد تطبيق التكنولوجيا النووية في تحسين خصوبة التربة، وتحسين استخدام المياه، وزيادة غلة المحاصيل واستخدام التقنيات لدراسة وتحسين تغذية النباتات ومكافحة الآفات ومقاومة الأمراض. ففي كينيا، على سبيل المثال، تدعم الوكالة الدولية للطاقة الذرية مشروعاً مع المنظمة الكينية للبحوث الزراعية والحيوانية، للمساعدة في تطوير سلالة جديدة تتحمل الجفاف ويمكنها مقاومة أمراض جديدة مثل صدأ الجذور.
يمكن للطاقة النووية أن تعزز بشكل كبير سلامة الأغذية من خلال الاشعاعات، واستخدام النظائر المشعة في الزراعة ودعم البحث والتطوير. وتساعد هذه التقنيات في القضاء على مسببات الأمراض، ومكافحة الآفات، وإطالة مدة الصلاحية، وتحسين الممارسات الزراعية، مما يساهم في النهاية في إيجاد أنظمة غذائية أكثر أمانًا واستدامة. وتضمن الجهود التي تبذلها الوكالة في مجال بناء القدرات ومعايير السلامة استخدام هذه التكنولوجيات بفعالية وأمان في جميع أنحاء العالم. وتعمل الوكالة الدولية للطاقة الذرية على عدة مستويات، بداية من القيام بالتجارب العلمية حتى تمويل المختبرات في البلدان النامية مثل كوستاريكا وأوغندا.
ويقول الدكتور فرانشيسكو برانكو، مدير إدارة التغذية وسلامة الأغذية في منظمة الصحة العالمية، إن واحداً من كل عشرة أشخاص يصاب سنوياً بالامراض عند تناول أغذية ملوثة، مضيفاً أن حوالي 420 ألف شخص يموتون كل عام نتيجة للأمراض المنقولة بالغذاء. وقد أدت عولمة التجارة إلى تفاقم مشاكل سلامة الأغذية.
تؤثر السلامة الغذائية الفعالة على رفاهية الحيوان، مما يساعد على جعل الغذاء صالحًا للاستهلاك البشري ومناسبًا للتصدير. ان الطعام الموجود في أطباقنا يسافر وينتقل إلى أماكن أبعد مما قد يفعله معظم البشر. ويعد تتبع المكونات ومراقبتها مشكلة، وذلك حيث انه في الولايات المتحدة، يمكن أن تحتوي وجبة اللازانيا المصنعة على أكثر من 100 مكون. وبعد فضيحة لحوم الخيل في المملكة المتحدة في عام 2012، أفاد بحث أجرته شركة KPMG للمراجعة أنه في سلسلة توريد الأغذية المصنعة، يمكن أن يكون هناك 450 نقطة يمكن أن تتهاوى عندها سلامة الأغذية. وينتج عن ذلك صعوبة في تتبع المكونات المتنوعة مثل الأعشاب والتوابل ومنتجات الألبان من مصدرها باستخدام شهادات المصادقة.
واختتمت نجاة مختار، رئيس قسم العلوم والتطبيقات النووية في الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الندوة، مشيرة إلى أنها أسفرت عن تواصل ومناقشات بين الخبراء، وأضافت أن سلامة الغذاء هي مسؤولية الجميع – من العلماء إلى صناع السياسات والمستهلكين. ودعت السيدة مختار إلى زيادة تجميع البيانات وتحليلها وتبادل أفضل الممارسات بين الدول، كما دعت المندوبين إلى مواصلة الضغط على حكوماتهم الوطنية لدعم تكنولوجيات سلامة الأغذية ومراقبتها ذات الصلة بالطاقة النووية.